تحري ..صدق..أمانة

أي درب غير ذلك لا يصل يا برهان‼️

أمدرمان نيوز

بقلم الاستاذ منعم سليمان

ولما أصبح الصبح، وجدنا فجأة أن هناك حكومة سودانية، ياله من أمر مذهل ومثير، خصوصاً أنّ جماعة الإخوان المسلمين (الكيزان) ذات المليشيات المسلحة المتحالفة مع قيادة الجيش؛ ظلت تقذعة بالشتيمة وتطلق عليه كلابها المسعورة في وسائل التواصل الاجتماعي؛ لامتناعة عن تشكيل حكومة، إذاً وكما أسلفت فإن البرهان يعلم والحركات تعلم والكيزان يعلمون والشعب السوداني يعلم وحكومة أمريكا تعلم والله فوقهم جميعاً يعلم، أنه ليست هناك حكومة في السودان منذ انقلاب 25 أكتوبر 2021 المشؤوم على حكومة الانتقالي المدني الديمقراطي.

الآن وبعد أن تم الضغط عليه ووافق على خيار التفاوض يريد البرهان تجنباً لغضب حلفاءه الإرهابيين الإسلامويين وبعض مرتزقة حركات دارفور المسلحة، أن يوهم الرأي العام التابع لهم بأنه لن يذهب إلى المفاوضات وحده، وإنما برفقتهم بعد صوغهم في قالب (حكومي)، فبعث وفداً إلى مدينة جدة السعودية للقاء الأمريكان بهدف التشاور بشأن الدعوة المقدمة إلى قيادة الجيش لحضور مؤتمر جنيف لسلام السودان؛ برئاسة (أبو نمو) وهو شخص سمج وأجوف – ولا أحب وصف غبي- ولكنه ضحل إلى حد مخيف، عمل ولا يزال يعمل في وظيفة (قريب غطاء) – بلغة رواد الكوتشينة – لصالح “مناوي” لدى البرهان فيما يتعلق بمصالح الحركة ورئيسها، ومنها مشروع مأكلة الذهب وبيع تراخيص تعدينه، كما سبق وعمل وزيراً للمعادن وفقاً لما جاءت به مسخرة ما يعرف بإتفاق جوبا للسلام إبان الحكومة الانتقالية، قبل ان تشارك حركته في التآمر والانقلاب على ذات الحكومة التي أتت بهم!

يريد الكيزان الذين يفكرون للبرهان والحركات معاً، أن يوعزوا أو يخدعوا الأمريكان – منتهى العبط والتسطيح- بأنّ في السودان حكومة، ينبغي الاعتراف بها بتمثيل السودان في مفاوضات جنيف المقبلة، بحيث يجد الكيزان (الاخوان المسلمين) موطئ قدم في المستقبل السياسي لمرحلة ما بعد السلام، وأن لا يخرجوا من حربهم التي أشعلوها بلا حُمُص.

الغريب في الأمر، إن قيادة الجيش المدفوعة من الخلف كعنزة عنيدة من قبل الكيزان، احتفلت بان واشنطن قد قبلت بمخاطبة البرهان بلقب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، وهو قبول يشبه قبول أب بشراء (حلاوة قطن) لطفله الصغير من أجل حثه لأداء واجباته، وحتما ستذوب الحلاوة في الفم مع الانتهاء من الواجب، ولا أعرف لماذا يبحثون مرة أخرى عن اعتراف أمريكي بحكومة غير موجودة في الأصل؟

أكثر من ذلك، ملأ الهتيفة و”البلابسة” الأسافير صراخاً وزعيقاً وتكبيراً وتهليلاً أن الإدارة الأمريكية وافقت على أن يكون إعلان جدة أساساً لمفاوضات جنيف، وهذا لن يستقيم قانوناً حال انتزع وفد “الموز” برئاسة (أبو نمو) اعترافاً أمريكياً بحكومة سودانية غير موجودة في الواقع، وذلك لسبب بسيط، وهو أن الطرف الذي فاوض على إعلان جدة ووقع عليه لم تكن (حكومة) وإنما قيادة الجيش (وفد الجيش)، أليس كذلك؟ .
وبالتالي فإن انسحاب وفد الجيش كطرف موقع على إعلان جدة عن مفاوضات جنيف وإحلال طرف جديد (حكومة) يعني ببساطة بأن الإعلان قد تم الغاؤه لغياب أحد أطرافه أو انسحابه، ولن يقبل الطرف الآخر (الدعم السريع) بذلك، لأنه لا يمكن أن يواصل المفاوضات مع طرف آخر غير موقع على الإعلان الذي تمخض عن جنيف!
كل ذلك يكشف عن مدى تخبط وجهل قيادة الجيش والكيزان الذين يقفون خلفها بأبجديات التفاوض، فإن إراد الجيش المضي قدماً في التفاوض حول تفاهمات إعلان جدة فإنه لا سبيل إلى ذلك غير التمسك باسم الجهة التي وقعت على الإعلان (قيادة الجيش)، أما إذا أراد أن يذهب إلى جنيف تحت اسم آخر، فإن هذا يعني موت إعلان جدة، وأن مفاوضات جنيف ستكون مع طرف جديد، مما يتطلب قانونياً الحصول على موافقة الطرف الآخر (الدعم السريع) على الجلوس معه، فإن وافق – ولا أظن – فإن هذا يعني أيضاً استبعاد نتائج مفاوضات جدة، والبدء من نقطه الصفر مرة أخرى، ولا أحد سيقبل التفاوض مع ” الكيزان” تحت أي غطاء.

الطريق الأقصر للوصول إلى السلام هو طريق التخلص من الاخوان المسلمين (الكيزان)، وأي درب غير ذلك لا يصل يا برهان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.